السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
ببحثي القاصر في مجموعة من التفاسير وجدت الاختلاف بين علماء التفسير حول سورة الرعد .
فالبعض قال بأنها : مكية ، والبعض الآخر قال بأنها : مدنية ، ولم أجد إلاّ نقول عن السّلف من قبل المفسرين ، وبعض العلماء رجح بأنها مكية ؛ لأن مقاصد السورة يشير إلى ذلك .
ولكني أميل إلى كونها مدنية ... فهل أجد من يعرض لي المسألة ، ثم يرجح ، فإني بحاجة ماسة للوقوف على المسألة .
وإليكم بعض ما وقفت عليه :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
(( اختلفوا في نزولها على قولين :
أحدهما : أنها مكية ، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، وسعيد بن جبير وعطاء ، وقتادة .
وروى أبو صالح عن ابن عباس أنها مكيّة ، إلا آيتين منها ، قوله : (( وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ )) (1) إلى آخر الآية ، وقوله : (( وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً )) (2) .
والثاني : أنها مدنية ، رواه عطاء الخراساني عن ابن عباس ، وبه قال جابر بن زيد .
وروي عن ابن عباس أنها مدنية ، إلا آيتين نزلتا بمكة ، وهما قوله : (( وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ )) (3) إلى آخرها ، وقال بعضهم : المدني منها قوله : (( هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ )) إلى قـوله : (( لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ )) (4) ، (5) .
وجاء عند الرازي – رحمه الله تعالى - : (( أنها مدنية ، وآياتها : 43 ، نزلت بعد سورة محمد ، سوى قوله تعالى : (( وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ )) ، وقوله : (( وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ)) (6) ، قال الأصم : هي مدنية بالإجماع ، سوى قوله تعالى : (( وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ )) (7) .
وقال الثعالبي – رحمه الله - : (( قيل : مَكِّيَّة إلاَّ بَعْضَ آيات ، وقيل : مدنية ، والظاهر أنَّ المدنيَّ فيها كثيرٌ )) (
.
وقال الصابوني : (( سورة الرعد من السور المدنية ، ولكنها تتناول المقاصد الأساسية للسور المكية ، من تقرير : الوحدانية ، والرسالة ، والبعث والجزاء ، ودفع الشبه التي يثيرها المشركون ، ولهذا عدَّها بعضهم مكية )) (9).
وقال بمكيتها ابن كثير - رحمه الله تعالى - .
وقال العلامة السعدي - رحمه الله - : مدنية ، وقيل : مكية .
وغير ذلك .
-----------------
(1) سورة الرعد ، الآية (31) .
(2) سورة الرعد ، الآية (43) .
(3) سورة الرعد ، الآية (31) .
(4) سورة الرعد ، الآية (14) .
(5) زاد المسير في علم التفسير ، أبي الفرج ابن الجوزي ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، ط : 3 ، سنة 1404هـ - 1984م ، (4/299) .
(6) سورة الرعد ، الآية (43) .
(7) التفسير الكبير ، فخر الدين الرازي ، قدم له الشيخ خليل محي الدين الميس ، دار الفكر ، بيروت ، ط : 1 ، سنة 1401هـ - 1981م ، (18/235) .
(
الجواهر الحسان في تفسير القرآن ، عبدالرحمن بن محمد الثعالبي ، تح : علي محمد معوّض ، وعادل أحمد عبدالموجود ، دار إحياء التراث العربي، بيروت ، ط : 1 ، سنة 1418هـ - 1997م ، (3/853) .
(9) تفسير السور الكريمة (( يوسف ، الرعد ، إبراهيم )) ، محمد علي الصابوني ، مكتبة الغزالي ، دمشق ، ومؤسسة مناهل العرفان ، بيروت ، سنة 1401هـ - 1981م ، ص (62) .